- يؤثر التصلب الحدبي المعقد وما يسببه من آفات جلدية على نحو 50 ألف شخص في الولايات المتحدة الأمريكية ومليون شخص حول العالم. ويُصاب بهذه الحالة سنوياً طفل واحد من بين كل 6000 طفل
- اعتُبر الورم في فروة رأس الطفلة أكبر ورم موثق في السجلات الطبية (بحجم 20 سم x 10 سم)، حيث يجري توثيق أورام فروة الرأس التي يبلغ حجمها 6 سم بشكل دوري في تلك السجلات
دبي، 7 أبريل 2025: نجح أطباء في مستشفى ميدكير الصفا في إجراء عملية جراحية لطفلة عربية تبلغ من العمر 5 أعوام مصابة بورم في فروة الرأس بحجم ثمرة البطيخة (20 سم x 10 سم) – وهو ما يعد أحد أكبر الأورام المسجلة في التاريخ الطبي الحديث. وكانت الطفلة مصابة بالتصلب الحدبي المعقد، وهي حالة وراثية يمكن أن تتسبب بنمو آفات جلدية حميدة تليها نوبات. وأحدث الورم، الذي يعتبر الأكبر على الإطلاق الذي تم توثيقه في السجلات الطبية، تداعيات كبيرة على حياة الطفلة تنوعت ما بين الشعور بعدم الراحة وفقدان الشعر والعزلة الاجتماعية.


وكانت الطفلة قد عانت من أعراض حادة على نحو غير معتاد، تجاوزت في شدتها الأورام الجلدية العادية التي يبلغ حجمها 6 سم. وحين كان عمرها عاماً واحداً فقط، اكتشف والدا الطفلة كتلة صغيرة في مؤخرة رأسها، فضلاً عن تعرضها لنوبات شديدة.

وكان حجم الورم الجلدي ينمو منذ الولادة مع حدوث تقرحات بشكل متكرر، مما أدى إلى حدوث نزيف وازدياد خطر الإصابة بالتهابات. ولم تؤثر الكتلة الهائلة في قدرتها على النوم فقط، بل تسببت لها أيضاً بتساقط الشعر بشكل خطير، مما جذب انتباهاً غير مرغوب به ودفعها لتجنب التفاعلات الاجتماعية. وبمرور الوقت، أصبحت الطفلة أكثر حساسية تجاه مظهرها وغالباً ما كانت تتفادى حضور الأنشطة المجتمعية، ولم تكن قادرة على ارتياد المدرسة أو الاختلاط بحرية مع الآخرين بسبب إصابتها بورم جلدي.
وقاد الدكتور “جميل الجمالي”، استشاري الجراحة التجميلية في مستشفى ميدكير الصفا، العملية الجراحية المعقدة، حيث استأصل الورم وأعاد ترميم فروة رأسها بعناية لكي ينمو شعرها الطبيعي من جديد. وفي هذا السياق، قال: “لقد كان أمراً محزناً أن نرى مدى تأثير هذه الحالة على حياة الطفلة. لا ينبغي لأي طفل في مثل هذه المرحلة العمرية الصغيرة أن يتحمل مشاعر الألم والعزلة هذه أو أن يعاني من مظهره”.
وبيّن الفحص الذي أُجري في المستشفى أن الورم كان صلباً وغير قابل للتحريك، وأن الجلد بالأسفل كان خالياً من الشعر. ولتحديد حجم امتداد الورم داخل الجمجمة، تم تصوير الرأس باستخدام الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي. ونظراً لحجم وتعقيد الورم، اعتُبرت الجراحة الخيار الوحيد القابل للتطبيق. حيث تضمن الإجراء، وفقاً للدكتور جميل، استئصال الورم بشكل كامل وإعادة ترميم منطقة فروة الرأس المتأثرة بدقة فائقة.
وأضاف د. جميل قائلاً: “لم يكن الورم ضخماً فقط، ولكنه تواجد أيضاً في منطقة حساسة للغاية. وتمثل التحدي لدينا في استئصال الورم بشكل كامل مع العمل في ذات الوقت على ترميم فروة الرأس بطريقة تسمح للشعر الطبيعي بالنمو مجدداً، مما توجب علينا التخطيط بعناية ودقة للجراحة من أجل تفادي المضاعفات المستقبلية وضمان التعافي السلس”.
واعتمد د. جميل وفريقه الطبي تقنية إعادة ترميم مبتكرة عبر أخذ سديلة من الجسم وذلك لاستئصال الورم واستعادة المنطقة المتأثرة دون حدوث أي مضاعفات. وتم تنفيذ الإجراء بنجاح مع أقل قدر من تساقط الشعر، مما ضمن تعافياً كاملاً من الناحيتين التجميلية والوظيفية.
وتماثلت الطفلة الصغيرة للشفاء سريعاً ودون عناء، وتم وصف أدوية لها لمنع تعرضها لنوبات كما تعافت المنطقة التي أُجريت بها الجراحة بشكل كامل في غضون أسابيع. وبدأ شعرها بالنمو بصورة طبيعية ومتواصلة، حيث شعرت المريضة لأول مرة منذ سنوات بالراحة والثقة من مظهرها. والأهم من ذلك كله أنها أصبحت الآن قادرة على ارتياد المدرسة والاختلاط مع الأطفال الآخرين دون الشعور بالخوف أو الخجل.
وقال الدكتور “حسام محمد الطرابلسي”، استشاري جراحة عامة والمدير الطبي لمستشفى ميدكير الصفا: “نحن فخورون بقدرتنا على إحداث تأثيرات إيجابية في حياة جميع مرضانا يومياً. حيث يتمتع خبراء الرعاية الصحية المتمرّسين لدينا بمؤهلات عالية تمكنهم من توفير رعاية ممتازة، كما أننا نستثمر في أحدث الممارسات والتقنيات الطبية العصرية لتلبية الاحتياجات المتنوعة لمرضانا”.
وقد وجد الوالدان التحول الذي شهدته الطفلة مذهلاً، وفي هذا الإطار صرّح الأب المبتهج قائلاً: “كنا نعتقد أن رؤية طفلتنا وهي تلعب وتضحك وتعيش حياة خالية من الألم هو أمر أشبه بالمستحيل. نحن ممتنون جداً للدكتور “جميل” والكادر الطبي في مستشفى ميدكير الصفا على منح ابنتنا فرصة ثانية للحياة”.
ومع مستقبل حافل بالإمكانيات أمامها، أصبح بمقدور هذه الفتاة الصغيرة أخيراً أن تستمتع بلحظات الطفولة الرائعة التي يستحقها كل طفل.