الكيمتشي، الطعام الوطني الكوري، هو أحد أكثر الأطعمة الصحية المتوفرة في العالم، ويُشير المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أن الكيمتشي هو الطعام الخارق الجديد، وتروج الشركة الكورية للتجارة في الثروة السمكية والزراعية والأغذية (Korea Agro-Fisheries & Food Trade Corp) حاليًا للأغذية الكورية من خلال الجناح الكوري وشركاء آخرين في معرض إكسبو 2020
ذكر تقرير حديث صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن الرجال والنساء الكوريين سوف يعيشون حياةً أطول منا جميعًا قريبًا، وذلك بفضل الطعام الكوري الصحي والنظام الغذائي الكوري -الذي أصبح تدريجياً أكثر شعبية في جميع أنحاء العالم بسبب قيمته الصحية والغذائية.
أشار تقرير بحثي أعدته كلية لندن الإمبراطورية (الكلية الامبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب) ومنظمة الصحة العالمية، والذي نظر في متوسط العمر المتوقع خلال 35 عامًا في الدول الصناعية: “من المتوقع أن تكون النساء المولودات في كوريا الجنوبية في عام 2030 أول من يبلغ متوسط العمر المتوقع في العالم أكثر من 90 عامًا”.
وأشار نفس التقرير إلى أن الرجال الكوريين سوف يفوقون جميع الرجال الآخرين مع أعلى متوسط عمر متوقع يتجاوز 85 عامًا بحلول عام 2030.
تعيش النساء حاليًا أكثر من 85.8 عامًا في المتوسط في كوريا الجنوبية وهي الدولة التي تجاوز فيها متوسط العمر المتوقع 82.8 عامًا وفي تزايدٍ، وتظهر الإحصاءات أن كوريا الجنوبية تحتل المرتبة التاسعة بين 184 دولة في العالم من حيث متوسط العمر المتوقع.
متوسط العمر المتوقع هو مقياس لطول عمر الشخص العادي في دولةٍ معينةٍ، وعادةً ما يُحسب متوسط العمر المتوقع من خلال حساب متوسط الأعمار التي يموت فيها الناس للحصول على القيمة المتوسطة.
وأعطت الدراسة، التي تستخدم 21 نموذجًا مختلفًا للتنبؤ بمتوسط العمر المتوقع، النساء الكوريات الجنوبيات المولودات في عام 2030 فرصةً بنسبة 57 % لتجاوز سن 90 عامًا واحتمال 97 % أنهن سيعشن فوق 86 عامًا، فما هو السر؟
وأشار المنتدى الاقتصادي العالمي في تقرير حديث: “يقول الباحثون إن طول العمر المتوقع للكوريين الجنوبيين يعتمد على افتراض أنهم سيكون لديهم مؤشرات أقل لمتوسط كتلة الجسم وضغط الدم مقارنةً بشعوب الدول الأخرى المماثلة”.
ويقترح خبراء آخرون أنه “يمكن أن يرجع عمرهم الطويل إلى النظام الغذائي الكوري الجنوبي؛ وأبرزها الكيمتشي، وهو طبق يعتمد على الخضراوات المتخمرة -الملفوف عادةً -الغني بالبروبيوتيك والفيتامينات (أ) و (ب)”.
تشمل العوامل الأخرى التي تؤدي إلى ارتفاع متوسط العمر المتوقع في الدول التي تتصدر قائمة الترتيب، الثقافة الغذائية المحسنة والتقدم في الوضع الاقتصادي والاجتماعي وانخفاض معدلات حوادث المرور على الطرق وأنظمة الرعاية الصحية عالية الجودة مما يحسن معدلات الوقاية والبقاء على قيد الحياة من الأمراض الخطيرة وتقليل عدد الوفيات بين الرضع.
يقول هيوك كيم مدير مركز التجارة الزراعية الكوري في دبي: “أصبح الطعام الكوري، وخاصةً الكيمتشي، غذاءً صحيًا مفضلاً في جميع أنحاء العالم حيث أصبح المزيد والمزيد من الأشخاص -الأزواج والعائلات -يستهلكون الكيمتشي ليظلوا بصحة جيدة ولياقة وليتمتعوا بأطول فترة حياة ممكنة.
“يحتوي الكيمتشي على الكثير من العناصر الصحية المهمة التي ترتبط باختيارات أسلوب حياة الفرد، فهو يقلل من نسبة الكوليسترول، ويحافظ على التحكم في ضغط الدم ويحافظ على تدفق الأنسولين في الجسم وبالتالي يقضي على احتمال الإصابة بمرض السكري ويعزز جهاز المناعة الذي يمنع الأمراض والفيروسات مثل فيروس كوفيد -19 المدمر”.
الطعام الكوري مرادفًا لكونه صحيًا ولذيذًا، وعلى مر السنين، تطور الطعام الكوري من ثقافة وجغرافيا البلد وتقاليد شعب شبه الجزيرة الكورية تحت تأثيرات مختلفة، وللحفاظ على الجسم دافئًا وصحيًا، طور الكوريون أطعمة مخمرة تعمل على تحسين التمثيل الغذائي.
ويقوم فن الطهو الكوري على الطعام الصحي، حيث يقول الخبراء إن الكوريين لا يأكلون حتى يشبعوا، وتُحضر الأطعمة وتُستهلك لتكون صحية ويُستهلك الغذاء الصحي للوقاية من الأمراض ويهدف الأفراد الذين يمرضون إلى الشفاء بالأطعمة والرجوع إلى استخدام الأدوية في حالة عدم كفاية هذه الأساليب.
الكيمتشي –الغذاء الخارق الجديد
الكيمتشي، الطعام الوطني الكوري، هو أحد أصح الأطعمة المتوفرة في العالم، ويُشير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الكيمتشي هو الطعام الخارق الجديد بينما قال صندوق النقد الدولي في إحدى منشوراته مؤخرًا أن الكيمتشي لم يعد طعامًا كوريًا فحسب ولكنه أصبح أكثر من “مطبخ صحي عالمي”.
فالكيمتشي وجبةً قليلة الدسم وعالية الألياف وهي طبق كوري تقليدي مصنوع من الخضراوات المخمرة المملحة، ويحتوي عادةً على الملفوف والتوابل مثل السكر والملح والبصل والثوم والزنجبيل والفلفل الحار، وقد يحتوي أيضًا على خضروات أخرى، بما في ذلك الفجل والكرفس والجزر والخيار والباذنجان والسبانخ والبصل الأخضر والبنجر وبراعم الخيزران، وعلى الرغم من أن الكيمتشي عادة ما يتم تخميره لبضعة أيام إلى بضعة أسابيع قبل التقديم، إلا أنه يمكن تناوله طازجًا أو غير مختمر فور تحضيره، وفقًا لإرشادات مؤسسة هيلث لاين.
فهي وجبة مليئة بالبيتا كاروتين والمركبات المضادة للأكسدة الأخرى التي يمكن أن تساعد في تقليل مخاطر الحالات الصحية الخطيرة مثل السكتة الدماغية والسرطان والسكري وأمراض القلب، ويُعد الكيمتشي أيضًا مصدرًا ممتازًا لفيتامين (أ) وفيتامين (سي)
ويحتوي الكيمتشي على بكتيريا وبروبيوتيك صحية لصحة الجسم بشكلٍ عامٍ، ونظرًا لأن الكيمتشي يتم تخميره، مثل الزبادي، فإنه يحتوي على “بكتيريا صحية” تسمى العصيات اللبنية التي تساعد في عملية الهضم لجسم الفرد وفقًا لتقرير صادر عن منظمة خدمات الطعام الكورية، ومن المنتجات المهمة الأخرى لعملية التخمير أن البروبيوتيك يمكنها أيضًا محاربة الالتهابات المختلفة في الجسم.
يُقلل الكيمتشي مستويات الكوليسترول لأن الثوم الموجود في الكيمتشي يحتوي على الأليسين والسيلينيوم -وكلاهما يساعد في تقليل الكوليسترول في الجسم، وبالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه المواد بشكل غير مباشر في منع السكتة الدماغية أو غيرها من أمراض القلب والأوعية الدموية من أي نوع، نظرًا لمنعها من تراكم الترسبات في جدران الشرايين.
ويتناول حوالي 95 % من الكوريين الكيمتشي، وهو ما يُترجم إلى أكثر من مليوني طن من الكيمتشي في جميع أنحاء العالم، وفقًا لتقرير تحليل سوق الكيمتشي الصادر عن مؤسسة تكنافيو (Technavio)، ويستعد سوق الكيمتشي العالمي للنمو بمقدار 2.39 مليار دولارًا أمريكيًا خلال الفترة من 2020 إلى 2024، ويتقدم بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 8 %، وفقًا لتحليل سوق الكيمتشي.
سيأتي حوالي 81 % من النمو من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وستكون إحدى الدوافع الرئيسية لهذا السوق هي الفوائد الصحية التي يقدمها الكيمتشي.
وفقًا لمطعم كوري في سيول متخصص في الأغذية: “يساعد الكيمتشي في تطوير الجسم السليم والرؤية الواضحة، وتحتوي حصة 100 جرام من الكيمتشي على 18 % من القيمة اليومية لفيتامين (أ) إذا أخذنا في الاعتبار النظام الغذائي الذي يحتوي على 2000 سعر حراري في اليوم، وبغض النظر عن كون فيتامين (أ) مضادًا للأكسدة يمكن أن يساعد في التخلص من الجذور الحرة في الجسم التي تسبب السرطان فإن فوائد الكيمتشي لا تقتصر على هذا فقط، فالفيتامين (أ) نفسه مهم في تنمية الجسم السليم بما في ذلك الأجنة؛ كما أنه مفيدٌ أيضًا في الحفاظ على التمتع بنظرٍ واضحٍ وصحيٍ”.
يؤدي الكيمتشي إلى التمتع ببشرةٍ متألقةٍ وشعرٍ لامع، كما أشار هذا المطعم إلى “إنه لا يجعل جمال المرء الداخلي يتألق فحسب -بل يجعل المظهر الخارجي يبدو رائعًا أيضًا، لأن السيلينيوم الموجود في الثوم في الكيمتشي يحافظ على صحة الجلد والشعر ويُساعد تناول الكيمتشي على منع ظهور التجاعيد على المدى الطويل.
“كما أن السيلينيوم جزءً هامًا من الجلوتاثيون، وهو معزز يعيد تكوين فيتامين سي ويحافظ عليه مما يجعله أقوى وأكثر فعالية في الجسم.”
ومن المعروف أيضًا أن الكيمتشي يمنع الإصابة بسرطان المعدة، حيث اكتشف الأستاذ الدكتور/ ميري كيم من قسم التغذية الغذائية في جامعة تشونجنام الوطنية أن الملفوف الصيني والفجل الموجودان في الكيمتشي يحتويان على مواد كيميائية حيوية مثل الإيزوسيانات والكبريتيد التي تساعد في إزالة السموم من المعادن الثقيلة الموجودة في الكبد والأمعاء الدقيقة والكلى، وقد جرت دراسة هذه المواد الكيميائية الحيوية، وخاصةً الأيزوسيانات، لتكون قادرة على الوقاية من سرطان المعدة أيضًا.
وأحد أهم صفاته الرئيسية هي أن الكيمتشي يبطئ من عملية الشيخوخة، وهذا ما يفسر لماذا يبدو معظم الكوريين أصغر سناً مما هم عليه، فالكيمتشي، بعد أسبوعين من تخميره، غنيٌ بمضادات الأكسدة التي تقلل من معدل شيخوخة الجلد، كما أنه يمنع أكسدة الخلايا مما يجعل المرء يبدو هادئًا ومسترخيًا، على الرغم من أن الشخص قد يكون تحت ضغط كبير.
وأشار أخصائي بمطعم سيول الكوري: “الكيمتشي يساعد في إنقاص الوزن، حيث يحتوي ما يصل إلى 150 جرامًا من الكيمتشي على 40 سعرًا حراريًا فقط، ويساعد الكيمتشي في عملية التمثيل الغذائي للكربوهيدرات لمساعدة الشخص على إنقاص الوزن، وبالإضافة إلى ذلك، تعزز مادة الكابسيسين الموجودة في الفلفل الحار في هذا الطبق الكوري من عملية الأيض وتجعلك تستخدم الطاقة الزائدة في الجسم، وبالتالي زيادة فقدان الوزن.
الأهم من ذلك، يعزز الكيمتشي مناعة الفرد! حيث اكتشفت الأستاذة الدكتورة/ رينا يو من قسم الغذاء والتغذية في جامعة أولسان أن الكيمتشي يجعل الخلايا المناعية أكثر نشاطًا والأجسام المضادة تكون أكثر وفرة.
واكتشفت أن “تناول نظام غذائي عالي الكوليسترول يمكن أن يعطي 55 % من نشاط الخلايا المناعية، والنظام الغذائي العادي يمكن أن يعطي 68 %، لكن اتباع نظام غذائي عالي الكوليسترول بالإضافة إلى الكيمتشي يمكن أن يعطي 75 %”.
يقول هيوك كيم مدير مركز التجارة الزراعية الكوري في دبي، “يمكن لسكان دول مجلس التعاون الخليجي استخدام الكيمتشي والأطعمة الكورية الأخرى، التي تساعد على التمتع بحياةٍ طويلةٍ وصحيةٍ، لتعزيز مناعتهم ضد أي نوع من الفيروسات -وخاصةً فيروس كوفيد -19، فالطعام الكوري ترياقٌ للعديد من المشاكل الصحية بما في ذلك السمنة ومرض السكري”.